الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
فإن جاءك منه شىء في شعر فأجزته احتمل النوعان الإجازة: حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدّثنى شيخ من أهل البصرة أنه سمع العرب تقول: ما أسود شعره، وسئل الفراء عن الشيخ فقال: هذا بشّار الناقط، وقال الشاعر:
فمن قال هذا لزمه أن يقول: اللّه أبيضك واللّه أسودك وما أسودك، ولعبة للعرب يقولون أبيضى حالا وأسيدى حالا والعرب تقول مسودة مبيضة إذا ولدت السودان والبيضان وأكثر ما يقولون: موضحة إذا ولدت البيضان وقد يقولون مسيدة.وقوله: {وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ} [76]. لمّا قدم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة حسدته اليهود وثقل عليهم مكانه، فقالوا: إنك لتعلم أن هذه البلاد ليست ببلاد الأنبياء، إنما بلادهم الشام. فإن كنت نبيّا فاخرج إليه، فإن اللّه سينصرك. قال: فعسكر النبي صلّى اللّه عليه وسلّم على أميال من المدينة فأنزل اللّه: {وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ} ليستخفونك وإذا لا يلبثون من الأرض {خِلافَكَ إِلَّا قَلِيلًا} يقول: إنك لو خرجت ولم يؤمنوا لنزل بهم العذاب.وقوله: {سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ} [77]. نصب السنّة على العذاب المضمر، أي يعذّبون كسنّة من قد أرسلنا {وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا}.وقوله: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ} [78].جاء عن ابن عباس قال: هو زيغوغتها وزوالها للظهر. قال أبو زكريّا: ورأيت العرب تذهب بالدلوك إلى غياب الشمس أنشدنى بعضهم: يعنى الساقي ذبّب: طرد الناس. براح يقول: حتى قال بالراحة على العين فينظر هل غابت قال: هكذا فسّروه.وقوله: {إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ}: أوّل ظلمته للمغرب والعشاء.وقوله: {وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} أي وأقم قرآن الفجر {إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُودًا} يعني صلاة الفجر تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار.وقوله: {نافِلَةً لَكَ} [79]. ليست لأحد نافلة إلا للنبى صلّى اللّه عليه وسلم، لأنه ليس من أحد إلّا يخاف على نفسه، والنبىّ صلّى اللّه عليه وسلّم قد غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، فعمله نافلة.وقوله: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ} [80]. قال له في المنصرف لمّا رجع من معسكره إلى المدينة حين أراد الشام {وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ} إلى مكة.وقوله: {كانَ يَؤُسًا} [83]. إذا تركت الهمزة من قوله: {يؤوسا} فإن العرب تقول يوسا ويووسا تجمعون بين ساكنين وكذلك {وَلا يَؤُدُهُ حِفْظُهُما} وكذلك {بِعَذابٍ بَئِيسٍ} يقول بيس وبييس ويؤوده يجمعون بين ساكنين. فهذا كلام العرب: والقراء يقولون {يووسا} و{يووده} فيحرّكون الواو إلى الرفع و{بييس} يحرّكون الياء الأولى إلى الخفض، ولم نجد ذلك في كلامهم، لأن تحريك الياء والواو أثقل من ترك الهمزة، فلم يكونوا ليخرجوا من ثقل إلى ما هو أثقل منه.وقوله: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ} [84]: ناحيته، وهى الطريقة والجديلة، وسمعت بعض العرب من قضاعة يقول: وعبد الملك إذا ذاك على جديلته وابن الزبير على جديلته، والعرب تقول: فلان على طريقة صالحة، وخيدبة صالحة، وسرجوجة، وعكل تقول: سرجيجة.وقوله: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} [85]. يقول: من علم ربّي، ليس من علمكم.وقوله: {إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} [87]. استثناء كقوله: {إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها}.وقوله: {عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ} [88]. جواب لقوله: {لئن} والعرب إذا أجابت لئن بلا جعلوا ما بعد لا رفعا لأن لئن كاليمين، وجواب اليمين بلا مرفوع.وربما جزم الشاعر، لأن لئن إن التي يجازى بها زيدت عليها لام، فوجّه الفعل فيها إلى فعل، ولو أتى بيفعل لجاز جزمه، وقد جزم بعض الشعراء بلئن، وبعضهم بلا التي هي جوابها.قال الأعشى: وأنشدتني امرأة عقيليّة فصيحة: قال وأنشدنى الكسائي للكميت بن معروف: وقوله: {لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} الظهير العون.وقوله: {مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} [90].الذي ينبع، ويقال: ينبع لغتان، و{تفجر} قرأها يحيى بن وثّاب وأصحاب عبد اللّه بالتخفيف، وكأن الفجر مرة واحدة و{فَتُفَجِّرَ} فكأن التفجير من أماكن، وهو بمنزلة فتحت الأبواب وفتحتها.وقوله: {كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفًا} [92].و{كِسَفًا} الكسف: الجماع. قال: سمعت أعرابيّا يقول لبزّاز ونحن بطريق مكة:أعطنى كشفة أي قطعة، والكشف مصدر، وقد تكون الكسف جمع كسفة وكسف.وقوله: {أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا} أي كفيلا.وقوله: {أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ} [93]. المعنى: إلى السّماء. غير أن جوازه أنهم قالوا: أو تضع سلّما فترقى عليه إلى السماء، فذهبت {فى} إلى السلّم.وقوله: {وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا} [94]. أن في موضع نصب {إِلَّا أَنْ قالُوا} أن في موضع رفع.{أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ} حدثنا محمد قال حدثنا الفراء قال حدّثنى حبّان عن الكلبىّ قال: الزخرف: الذهب.وقوله: {لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ} [102]. قرأها ابن عباس وابن مسعود {علمت} بنصب التاء.حدّثنا محمد قال: حدّثنا الفراء قال: وحدّثنى هشيم عن أبى بشر عن سعيد بن جبير {لَقَدْ عَلِمْتَ} مثله بنصب التاء. حدثنا محمد قال: حدثنا الفراء قال: وحدّثنى قيس وأبو الأحوص جميعا عن أبى إسحاق عن شيخ من مراد عن علىّ أنه قال: واللّه ما علم عدوّ اللّه، إنما علم موسى، وكان يقرأ {علمت} برفع التاء، وفسّره الكلبىّ بإسناده على قراءة علىّ وتفسيره، وأمّا ابن عباس وابن مسعود فقالا: قد قال اللّه عزّ وجل: {وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ} قال الفراء: والفتح أحبّ إلىّ وقال بعضهم: قرأ الكسائي بالرفع، فقال: أخالفه أشدّ الخلاف.وقوله: {يا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [102]. ممنوعا من الخير، والعرب تقول: ما ثبرك عن ذا أي ما منعك منه وصرفك عنه.وقوله: {جِئْنا بِكُمْ لَفِيفًا} [104]. من هاهنا وهاهنا وكلّ جانب.وقوله: {وَقُرْآنًا فَرَقْناهُ} [106]. نصبت القرآن بأرسلناك أي ما أرسلناك إلا مبشّرا ونذيرا وقرآنا أيضا كما تقول: ورحمة لأن القرآن رحمة، ويكون نصبه بفرقناه على راجع ذكره. فلمّا كانت الواو قبله نصب، مثله {وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ} وأما {فَرَقْناهُ} بالتخفيف فقد قرأه أصحاب عبد اللّه.والمعنى أحكمناه وفصّلناه كما قال: {فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} أي يفصّل، وروى عن ابن عباس فرّقناه يقول: لم ينزل في يوم ولا يومين. حدثنا محمد قال: حدثنا الفراء قال: وحدثنى الحكم بن ظهير عن السّدّى عن أبى مالك عن ابن عباس {وَقُرْآنًا فَرَقْناهُ} مخففة.وقوله: {أَيًّا ما تَدْعُوا} [110]. {ما} قد يكون صلة، كما قال تبارك وتعالى: {عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ} وتكون في معنى أىّ معادة لمّا اختلف لفظهما، وقوله: {وَابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا} أي قصدا. اهـ. .قال بيان الحق الغزنوي: سورة بني إسرائيل:{سبحان} [1] لا يتصرف، لأنه صار علمًا لأحد معنيين: إما التبرئة والتنزيه وإما التعجب. الأول: براءة الله- الذي أسرى بعبده- من كل سوء، والثاني: عجبًا لمن أسرى بعبده، وقول الأعشى:قال الخليل: براءة منه، وقال سيبويه: لما صار ت هذه الكلمة في صفات الله على. معنى البراءة، لا يفسر بها في غيره، بل يفسر بالعجب منه، ومن فخره، وأما الإسراء ففي رواية أبي هريرة، وحذيفة بن اليمان، كان بنفسه في حالة الانتباه.وفي رواية عائشة، ومعاوية: بروحه حالة النوم. قالت عائشة: ما فقد جسد رسول الله، ولكن الله أسرى بروحه.والحسن أول قوله: {وما جعلنا الرءيا التي أريناك إلا فتنة للناس} بالمعراج، والخطابي يقول: قد رويت الروايتان بطرق صحيحة، فالأولى أن تجمع بينهما ونقول: كان له عليه السلام معراجان، أحدهما في النوم، والآخر باليقظة.وما في القرآن من تعظيم أمر المعراج، والتعجب به، وما في الأخبار من إنكار قريش حتى أخبرهم بأشياء من بيت المقدس، والسابلة على طريقه إليها، كل ذلك يدل على أنه في اليقظة. {ألا تتخذوا} [2]. معناه الخبر، أي: لئلا تتخذوا، وقيل: إن (أن) زائدة، والقول مقدر، أي: وقلنا لا تتخذوا.{بعثنا عليكم} [5] قال الحسن: خليناكم وخذلناكم، وقيل: أظهرناهم عليكم، وكان أولئك هم العمالقة، وقيل: إنه بختنصر]، إذ كان أصحاب سليمان بن داود-عليهما السلام- عرفوا من جهة أنبيائهم خراب الشام، ثم عودها إلى عمارتها ولما، وقفوا على قصد بختنصر، انجلوا عنها واعتصموا بمصر وملكها.{فجاسوا} [5]. مشوا وترددوا، وقيل: عاثوا وأفسدوا. {ليسئوا وجوهكم} [7]. أي: سادتكم وكبراءكم في المرة الآخرة. {وليتبروا} يهلكوا ويخربوا. {ما علوا} ما وطئوا من الديار والمنازل. {حصيرًا} [8]. محبسًا.{طائره في عنقه} [13]. أي: عمله، فيكون في اللزوم كالطوق للعنق، وقيل: طائره: كتابه الذي يطير إليه يوم القيامة. إلا أن الكتاب مذكور بعده، فإنما حسن هو القول الأول، [مع أنه مطرد في كلام العرب. قال الفرزدق: {وإذا أردنا أن نهلك قرية} [16]. إرادة الهلاك ها هنا على مجاز المعلوم من عاقبة الأمر، وما يفضي إليه، كما قال الكميت: وقال آخر: {أمرنا مترفيها} [16]. أي: أمرناهم بالطاعة.{ففسقوا} خرجوا من أمرنا، كقولك: أمرته فعصى، ودعوته فأبى، ويجوز {أمرنا} كثرنا، يقال: أمره فهو مأمور، وآمره فهو مؤمر، وفي الحديث: «خير المال مهرة مأمورة». قال زهير: {كلًا نمد هؤلاء وهؤلاء} [20]. أي: من أراد العاجلة، ومن أراد الآخرة. {من عطاء ربك} من رزق ربك. {أف} [23] معناه التكره، والتضجر. {محسورًا} [29]. منقطعًا، وقيل: ذا حسرة، وقيل: مكشوفًا من قولك: حسرت الذراع. {خطئًا} [31].يجوز اسمًا كالإثم، ومصدرًا كالحذر. {ولا تقف ما ليس لك به علم} [36]، ولا تقل، وقيل: ولا تتبع من قفوت أثره. {إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولًا} [36]. أي: عن الإنسان، لأنها من الأشهاد يوم القيامة، وقيل: كان الإنسان عن كل ذلك مسؤولًا، لأن الطاعة والمعصية [بها {كل ذلك كان سيئة عند ربك مكروهًا} [38]./ أراد بالسيئة الذنب، فحمل على المعنى.وقيل: إن مكروهًا بدل عن السيئة، وليس بوصف، وعبره البدل حذف المبدل، وقيل: إنه خبر آخر لكان، وأما سيئه بالإضافة، فلإنه تقدم الكلام أوامر ونواهي، فما كان في كل المذكور من سيء كان عند الله مكروهًا، فيعلم به ما يقابله، وهو أن ما كان بخلافه من حسن كان مرضيًا. {ولقد صرفنا في هذا القرآن} [41]. أي: صرفنا القول فيه على وجوه، من أمر ونهي، ووعد ووعيد، وتسلية وتحسير، وتزكية وتقريع، وقصص وأحكام، وتوحيد وصفات، وحكم وآيات. {فتستجيبون بحمده} [52].أي: بأمره. كما قال الثقفي: {إن لبثتم إلا قليلا} [52]. في الدنيا بالقياس إلى الآخرة، كما قال الحسن: كأنك بالدنيا لم تكن، وبالآخرة لم تزل.{وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون} [59] أي: وما منعنا إرسال الآيات إلا تكذيب الأولين. فيكون: {أن نرسل} في موضع النصب، و{أن كذب} في موضع الرفع.{وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس} [60]. أي: علمه وقدرته، فيعصمك منهم. {وما جعلنا الرءيا التي أريناك} [60]. أي: ليلة الإسراء على اختلاف الرواية، من رؤيا عيان، أو رؤيا منام. {إلا فتنة} أي: ابتلاءً واختبارًا لمن كفر به، فإن قومًا [أنكروا المعراج، فارتدوا، وقيل: إنها رؤيا النبي عليه السلام دخوله المسجد الحرام، فلما صد عنها عام الحديبية، ارتد قوم، فلما دخلها في القابل نزل: {لقد صدق الله رسوله الرُّؤْيَا بالحق لتدخلن المسجد الحرام}.
|